Newsletter

الأحد، 23 أبريل 2017

موقع الإنسان بين خريطة الموجودات!

موقع الإنسان بين خريطة الموجودات!

في هذا الكوكب الشاسع انفرد كائن واحد باكتشاف العلوم وإقامة الحضارات وصناعة الأساطير وهذا لما له من ذاتية مختلفة عن كل ما حوله، إنه الإنسان محور حديثنا في هذا المقال.
من هو الإنسان؟ وما هي أوجه التشابه والاختلاف بينه وبين باقي المخلوقات؟ وما هو دوره في الحياة؟ والسؤال الأخير: ماهي البداية الحقيقية لطريق سعادته؟
تبدأ شجرة المخلوقات من أصل كل الأشياء، وهي الكينونة أو الجوهر أو الماهية  أي حقيقة الشيء الموجود، وبعد ذلك تتميز المخلوقات عن بعضها البعض، والتميز هو أساس الاختلاف، فكان هنالك كائن حي وآخر جماد، وتميز الحي على الجماد بالتنفس والغذاء والنمو والحركة، وبعد ذلك تتميز الكائنات الحية بعضها على بعض، فتنقسم إلى متحرك بالإرادة وهو الحيوان، وغير متحرك بالإرادة وهي النباتات، وبعد ذلك يتميز الإنسان عن باقي الحيوانات بميزة واحدة وهي العقل التي يعبر عنها الفلاسفة بالناطقية أو التفكير المجرد.
إذن فالإنسان كائن حي، حيواني، مفكر…
فنهل الإنسان من شجرة تكوينه في كل مرحلة فيها؛ فأخذ من «الكون» أنه كائن، أي حادث، وهذا يجعله محتاجا لخارج عنه.
وأخذ صفة “الحياة”، فتحرك ونمى، وتصنف من الحيوانية لاتفاقه معها في المادية والتي تتمثل في الجسد الذي له امتداد في الأبعاد الثلاثة، وكذلك لاتصافة بخاصية الحركة بالإرادة وتركيبته النفسية الحاوية للقوتين الغضبية والشهوية؛ ومن ثم انفرد بتميزه الفريد من بين كل الحيوانات بالقوى العقلانية، وهي القوى المدركة لحقائق الأمور والسائلة عن العلل والغايات المتجاوزة للمادة، والمدركة للقضايا الكلية.
ومن هنا نقول أن الإنسان له شقان: مادي ومعنوي، أما المادي فيتمثل في جسد له أبعاد ثلاثة، وشق معنوي وهو الروح والعقل ومشتملاتهم.
وتتمثل القوى الرئيسية في الإنسان في الغضب، الشهوة، والعقل.
فأما الغضب فدوره هو حماية الذات من الضرر، فهو الدافع وراء حماية العرض والنفس والمال، وهو المحفز للطاقة لتربية النفس وتهذيبها فالغضب على النفس هو السبيل لتعليمها وتقويمها.
أما القوى الشهوية فلا بد منها سواءً عن طريق شهوة البطن من احتياج الأكل والشرب، أو عن طريق شهوة الفرج؛ لاستمرار النوع الإنساني والبحث عن النصف الآخر لدخول درب التكامل.
وأما القوى المدركة فهي محصلة علم الشخص ومعرفته، فكلما ازدهرت ازداد الإنسان رقيا واستطاع ترويض الغضب والشهوة، واستقام أمره، وكلما جهل الإنسان تحكَّم الغضب فيه وتسلَّطت الشهوة عليه فكان عبدًا لهما، ولتقريب الأذهان فلنتخيل الغضب مثل الكلب، والشهوة مثل الخنزير، والعقل مثل الحكيم الذي يروض كلبه وخنزيره، فكان استقامة الأمر للحكيم بأن أطلق كلبه على خنزيره، أي غضب على نفسه بما تحمله من شهوات فأقنعها بالقليل وجعلها تحت أمره.
وكما قال ابن قيم الجوزية:
لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة له.
وكما وضحنا أن القوى الغضبية والشهوية يشترك الإنسان فيهما مع الحيوانات لذلك إذا سمح لهما الإنسان بالسيطرة على أمور الحياة خرج من كونه إنسانا مميزا إلى حيوان في صورة إنسان، لذلك قامت مشاكلنا على استبدال المواضع، فوجب علينا إعطاء العقل دوره الحقيقي في تولي زمام الأمور لتستقيم الأفعال ونصل إلى بداية الطريق للسعادة الحقيقية.

موقع الإنسان بين خريطة الموجودات!

موقع الإنسان بين خريطة الموجودات!

في هذا الكوكب الشاسع انفرد كائن واحد باكتشاف العلوم وإقامة الحضارات وصناعة الأساطير وهذا لما له من ذاتية مختلفة عن كل ما حوله، إنه الإنسان محور حديثنا في هذا المقال.
من هو الإنسان؟ وما هي أوجه التشابه والاختلاف بينه وبين باقي المخلوقات؟ وما هو دوره في الحياة؟ والسؤال الأخير: ماهي البداية الحقيقية لطريق سعادته؟
تبدأ شجرة المخلوقات من أصل كل الأشياء، وهي الكينونة أو الجوهر أو الماهية  أي حقيقة الشيء الموجود، وبعد ذلك تتميز المخلوقات عن بعضها البعض، والتميز هو أساس الاختلاف، فكان هنالك كائن حي وآخر جماد، وتميز الحي على الجماد بالتنفس والغذاء والنمو والحركة، وبعد ذلك تتميز الكائنات الحية بعضها على بعض، فتنقسم إلى متحرك بالإرادة وهو الحيوان، وغير متحرك بالإرادة وهي النباتات، وبعد ذلك يتميز الإنسان عن باقي الحيوانات بميزة واحدة وهي العقل التي يعبر عنها الفلاسفة بالناطقية أو التفكير المجرد.
إذن فالإنسان كائن حي، حيواني، مفكر…
فنهل الإنسان من شجرة تكوينه في كل مرحلة فيها؛ فأخذ من «الكون» أنه كائن، أي حادث، وهذا يجعله محتاجا لخارج عنه.
وأخذ صفة “الحياة”، فتحرك ونمى، وتصنف من الحيوانية لاتفاقه معها في المادية والتي تتمثل في الجسد الذي له امتداد في الأبعاد الثلاثة، وكذلك لاتصافة بخاصية الحركة بالإرادة وتركيبته النفسية الحاوية للقوتين الغضبية والشهوية؛ ومن ثم انفرد بتميزه الفريد من بين كل الحيوانات بالقوى العقلانية، وهي القوى المدركة لحقائق الأمور والسائلة عن العلل والغايات المتجاوزة للمادة، والمدركة للقضايا الكلية.
ومن هنا نقول أن الإنسان له شقان: مادي ومعنوي، أما المادي فيتمثل في جسد له أبعاد ثلاثة، وشق معنوي وهو الروح والعقل ومشتملاتهم.
وتتمثل القوى الرئيسية في الإنسان في الغضب، الشهوة، والعقل.
فأما الغضب فدوره هو حماية الذات من الضرر، فهو الدافع وراء حماية العرض والنفس والمال، وهو المحفز للطاقة لتربية النفس وتهذيبها فالغضب على النفس هو السبيل لتعليمها وتقويمها.
أما القوى الشهوية فلا بد منها سواءً عن طريق شهوة البطن من احتياج الأكل والشرب، أو عن طريق شهوة الفرج؛ لاستمرار النوع الإنساني والبحث عن النصف الآخر لدخول درب التكامل.
وأما القوى المدركة فهي محصلة علم الشخص ومعرفته، فكلما ازدهرت ازداد الإنسان رقيا واستطاع ترويض الغضب والشهوة، واستقام أمره، وكلما جهل الإنسان تحكَّم الغضب فيه وتسلَّطت الشهوة عليه فكان عبدًا لهما، ولتقريب الأذهان فلنتخيل الغضب مثل الكلب، والشهوة مثل الخنزير، والعقل مثل الحكيم الذي يروض كلبه وخنزيره، فكان استقامة الأمر للحكيم بأن أطلق كلبه على خنزيره، أي غضب على نفسه بما تحمله من شهوات فأقنعها بالقليل وجعلها تحت أمره.
وكما قال ابن قيم الجوزية:
لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة له.
وكما وضحنا أن القوى الغضبية والشهوية يشترك الإنسان فيهما مع الحيوانات لذلك إذا سمح لهما الإنسان بالسيطرة على أمور الحياة خرج من كونه إنسانا مميزا إلى حيوان في صورة إنسان، لذلك قامت مشاكلنا على استبدال المواضع، فوجب علينا إعطاء العقل دوره الحقيقي في تولي زمام الأمور لتستقيم الأفعال ونصل إلى بداية الطريق للسعادة الحقيقية.