قوة عقلك الباطن ... طريقك إلى اليقين لبناء مستقبل واعي و تخطيط حياة سوية ... إنماء العقل الباطن وتدريبه
Newsletter
الأربعاء، 31 مايو 2017
الثلاثاء، 30 مايو 2017
الاثنين، 29 مايو 2017
الأمنية الكاذبة
الأمنية الكاذبة
وأنا أقلب صفحات قصة أدهم صبري وكيف كان يصارع الأشرار ويتغلب عليهم بكل ما أوتي من قوة فى سبيل الوقوف بجانب الخير والفضيلة والتصدي للشر.
تمنيت أن أكون مثل هذا البطل! أعجبني أنه كان حادًّا كالسيف فى التصدي للشر، لا يقبل المساومة معهم أبدا وكان يتميز بمكره ودهائه فى التلاعب بمن يمثلون الشر؛ فهو يتوقع منهم أن يستخدموا أقرب الناس منه فى أساليب الضغط عليه. ولكنه لا يفقد الأمل أبدا، ثابت على موقفه، يظهر حقيقة هؤلاء الأشرار، وينتقل من موقف إلى آخر ومن انتصار إلى انتصار، وتارة يقف المحيطون به بجانبه ومرات يتخلون عنه، ولكنه كما قلنا كالسيف وهذا ما صنعه بطلا.
ثم أعدت النظر إلى حياتي كيف كنت فى بعض المواقف واقفا بجانب الخير رغم الصعوبات التى واجهتني وكيف كنت متساهلا أحيانًا أخرى!
أدركت أنني أحيانا أتمنى أمنيات كاذبة! هى كاذبة لأنها فى الحقيقة ليست أمنية من نابع إرادتي، وإنما هي مجرد خيال نتيجة تأثري بالشخصيات البطولية.
أحيانا أخدع نفسي عندما أعطي لنفسي الأعذار التى تتناقض مع المبادئ والقيم أو المعايير التى تميز بين الصواب والخطأ الخير والشر.
هذه القصة ليست من وحي خيال الكاتب وإنما تعبر عن واقع مأساوي لنا؛ فأحيانا نتخلى عن الوقوف بجانب الخير ملتمسين الأعذار التى لا تعبر إلاعن أننا لسنا نريده بصدق كامل، فربما لنا أغراض أخرى أو أننا قد تغيرنا أو أي سبب آخر، لكن الخلاصة أن كلامنا لا يشبه واقعنا! نتشدق بحبنا للأبطال الذين سبقونا فى سلم الكمال عبر التاريخ ونخاف أن نأخذ مواقف تشبه مواقفهم خوفا من أن نكون بمفردنا فى هذه القرارات، ونرفع شعارات ننصح بها الناس تناقض ذلك بأنه لا يجب أن تسير مع القطيع وأن تكن مع الحق وإن كنت وحيدا، لكن للأسف واقعنا لا يشبه كلماتنا وأمنياتنا التى تتردد على ألسنتنا! هذا التناقض بعينه، التناقض بين الواقع وبين الدعاوى، نتخلى بأنفسنا عن أبسط القواعد البديهية!
العبرة أيها القارئ الكريم أنك عندما تكون بجانب الخير لا تخف حتى وإن خذلك أقرب الناس إليك، حتى وإن خذلتك نفسك فالخير لا يأتي إلا بالخير، قاوم كل ما هو عكس الخير تكن من السعداء.
هناك فكرة مهمة يجب توضيحها: أحيانا نقع فى الخطأ ونكذب على أنفسنا حتى نصدق هذه الأعذار الكاذبة. وأساس العلاج هو الاعتراف بالحقيقة أو الاعتراف بالحق حتى وإن لم نفعله، والاعتراف بالتقاعس عنه هو المرحلة الثانية من العلاج. ومقاومة النزعات الباطلة التي تخالف الحق. فالشر له صور كثيرة فى الموقف الواحد بينما الخير له صورة واحدة فى الموقف. لذلك يجب علينا مقاومة النفس عند حيادها عن طريق الخير، هذه المقاومة وإن لم نُصِب فيها الحق بالشكل الكامل لكنها الخير بعينه.
الأحد، 28 مايو 2017
السبت، 27 مايو 2017
الجمعة، 26 مايو 2017
الخميس، 25 مايو 2017
الأربعاء، 24 مايو 2017
الثلاثاء، 23 مايو 2017
اصنع سفينتك
اصنع سفينتك
جَزيرةٌ مُنعزلة ترسو عليها طائرةٌ مُحطمة وطاقمها المكون من ثلاثَةِ أفراد.
رأى أولُهُم بقايا سفينةٍ صغيرة لا يعلم ماذا أتى بِها إلى تِلكَ الجزيرة لكن ليس هذا ما يَستحق التفكير الآن، هرع إليها وشرع فى إصلاحِها كي ينجوا بنفسِهِ من تِلكَ المحنة.
لكن لأن تِلكَ السفينة لن تتسع للجميع، اتجه الثانى صوب جِزعِ شجرةٍ وجده أمام عينيه، لم يشغل باله كثيرًا بحالة الجزع السيئة لأنه ظن أن جُهدَه لن يكفى للبَحثِ عن آخَرَ أفضل منه، ثم شَرَعَ فى بناءِ سفينته الخاصة.
أما الثالِثُ فانطلق بحثًا عن شَجَرةٍ أفضَلُ حالاً، لكنه بعد أن وجدها لم يستطع البدء فى صناعة سَفينة نجاتِهِ لأنه لم تكن لديه أى فكرة عن صِناعة السفن فاتخذ من حَظهِ خليلاً راجياً منه ألا يخذله فى محنته تلك، ثم بدأ فى صناعةِ شيئًا يُشبِهُ السفن التى لطالما رآها.
أبحَرَ ثلاثتُهُم، لكن وبعد دقائِقَ معدودةٍ ظَهَرَ عيبٌ فى السَفينةِ الأولى لم يكن فى حسبانِ صانِعُها فبدأت فى الغرق مع صاحِبِها الذى نَدِمَ على ثِقتِه العمياء فيما تركه له من سَبَقَهُ دون بحث وتحقق.
وأما السفينة الثانية فلم تستطع تحمل الأمواج نظرًا لردائة الخَشبِ الذى صُنِعت منه، فتمنى صاحبها لو أنه صبر وانتقى جِزعًا أفضل، لكن فات الأوان.
وأما السفينة الثالثة فقد غَرِقت على الشاطئ لأنها لم تُبنَ بطريقةٍ سليمة، وتركت صاحِبُها غارقًا فى جَهلِهِ لا يعلم كيف سيخرُجُ من تلك الجزيرة.
فهل ستُبحِرُ سفينتك؟
هل ما نظنه حقيقةً هو بالفعل حقيقةً مطابقةً للواقع أم أنه جهلاً مركباً، جهلٌ بالحقيقةِ وجهل بجهلنا؟
إن الوصول إلى الحقيقةِ يلزمه يقينٌ تامٌ بما وصلنا إليه؛ لأن تلك الحقيقة ستدخل فى بناءِ حقيقةٍ أخرى، وتلك الأخرى ستدخل فى بناءِ حقيقةِ تليها إلى آخر الحياة، فإذا لم تتصف كل حقيقةٍ نصلُ إليها فى رحلتنا الفكرية باليقين التام ستجعل البناء الفكرى كله هشًّا وعرضةً للانهيار إذا ما ثَبتَ بطلان أيًّا مما نظنه حقيقة.
إن الوصول إلى الحقيقة كبناءِ تلك السُفُنِ سالِفةَ الذكر، يلزمه خطواتٍ ثلاث حتى تستطيع سفينتك مُجابهة الأمواج والانتقالُ بك من جزيرة الجهل إلى جنةِ المعرفة.
الشك
لا تَثِقُ فى كلِ ما تَركَهُ لك الأولون، فمن الخطورةِ بما كان أن تشرع فى البناءِ على أساسٍ لم تصنعه أنت، ولم تتحقق من قوته ومطابقته للواقع فلربما كان بِهِ عيبٌ يودى برحلتك الفكرية كلها.
انتقِ مادتك
أما موادُ البناءِ الفكرى فتتمثل فى مفهومِكَ للأشياء، فإن كان مفهومك لمكونات قضيةٍ ما مُطابقًا للواقع كانت مادةَ البناءِ قويةً بما يكفى لِتصل إلى الحُكم السليم فى تِلكَ القضية، وأما إن كان غير ذلك فمن البداهةِ ألا يكونُ حكمك سليمًا.
فعلى سبيل المثال، إن كان مفهومك عن تعريف السيارة أنها مكانٌ للسكن، فسيكون حُكمَكَ على أفضل سيارات العصر بأنها سيئة نظرًا لصِغرِ حجمها وعدم صلاحيتها للسكن، وهكذا فى كل قضيةٍ تتطلب منك حكمًا، إن كان مفهومك خاطئًا فلن يكون حكمك صائبًا بأى حال.
تَعلم كيفية البناء
فبعد أن انتقيت مواد البناء وتيقنت من صحتها ومطابقتها للواقع، يأتى دورُ التأليف بين تلك المواد لكى تصل إلى الحقيقة، فبدون معرفة كيفية البناء ستبقى فى جزيرة الجهل عاجزًا عن إحراز أى تقدمٍ يُذكر، وإذا ألفت بين موادك على غير الهيئة الصحيحة فإما أن ينهار بناءؤك الفكرى أو أن تَصِلَ إلى غير الحقيقة فتحيدُ عن الغايةُ الكبرى.
فإذا وصلت إلى الحقيقة، أبحر من جزيرة الجهل وانتقل من حقيقةٍ إلى أخرى صوب جنة الدنيا، المعرفة.
الاثنين، 22 مايو 2017
الأحد، 21 مايو 2017
التخاطر ...
ما وراء العقــل(التخاطر)
من المؤكد أن (هيوارد ويلار) المذيع المعروف بإذاعة مدينة شارلوت الأمريكية لن ينسى أبداً أحداث تلك الليلة
ليلة العاشر من يونيو عام 1962 م
ليس هذا لأن هيوارد قد أجرى حديثاً إذاعياً ممتازاً فى هذا التاريخ
ولا لأنه حصل على ترقية ، أو علاوة ، أو حتى ابتسامة من رئيسه فى العمل
بل لأنه تلقى فيه رسالة ..
هل أدهشكم الأمر ؟
دعونا إذن نشرح الأمر منذ البداية
********
فى ذلك اليوم انتهى (هيوارد) من عمله بدار الإذاعة ، وعاد إلى منزله فى منتصف الليل تقريباً، ناول طعام العشاء، واستعد للذهاب إلى فراشه، بنفس الروتين اليومى، الذى اعتاده منذ سنوات
وفجأة تجمّد هيوارد فى مكانه ، وبدا لزوجته لحظة أشبه بتمثال من الشمع، لرجل مذعور، سعت عيناه وانفغر فاه
وفجأة أيضاً ، التفت هيوارد إلى زوجته بات، وقال فى توتر: أسمعت الصوت؟
سألته زوجته فى قلق: أي صوت؟
قال فى حيرة: صوت ارتطام السيارة .. هناك حادثة سير
رددت فى قلق أكثر: حادثة سير؟! .. إننى لم أسمع شيئاً
خيل إليها أنه حتى لم يسمعها وهو يندفع نحو حجرته قائلاً: سأستطلع الأمر، وأعود إليك على الفور
هوى قلبها بين قدميها، عندما رأته يرتدى ثيابه فى عجل ، ويسرع إلى حيث سيارته
وتساءلت فى هلع: هل أُصيب هيوارد بالجنون؟
هل فقد عقله، مع شدة انهماكه فى عمله ؟
فكرت فى الاتصال بطبيبهما الخاص، خشية أن تكون حالة هيوارد شديدة الخطورة، ولكن هيوارد لم يمهلها الوقت لهذا ، فقد انطلق بسيارته، قبل حتى أن تتخذ قرارها
********
بالنسبة إليه ، كان الأمر أكثر حيرة
لقد سمع صوت اصطدام السيارة فى وضوح، ولكنه لم يجد سيارة واحدة تتحرك، عندما غادر البيت
وهو واثق مما سمع
وعندما أدار محرك سيارته، لم يكن يدرى بعد، إلى أين يتجه
ولأن منزله يقع عند نقطة تتفرع منها عدة طرق، فقد كان عليه أن يتخذ قراره باختيار الطريق الصحيح الذى يتخذه ليصل إلى منطقة التصادم
وبلا تردد، وبثقة لم يدر من أين حصل عليها، انطلق مباشرة إلى شارع بارك، وعندما بلغ تقاطع وودلون انحرف يميناً ليهبط التل فى ثقة ، وكأنه يعلم مسبقاً إلى أين يتجه
وعندما بلغ موقع تجمع مراكب صيد الجمبري، وجد نفسه يتخذ طريق مونتفورد درايف، بنفس الثقة العجيبة
وقطع هيوارد ستين متراً فحسب ، فى طريق مونتفورد ، ثم وجد نفسه يتوقف فجأة
هنا.. في هذه النقطة بالذات، وحيث لا يوجد أى شئ محدود، كان يشعر بضرورة الخروج عن الطريق الرئيسى
ومجنون هو من يفعل هذا، فى الواحدة صباحاً
هيوارد العاقل يعلم هذا، ولكن هيوارد الذى يقود السيارة لم يمكنه مقاومة هذه الرغبة، فانحرف يميناً وخرج عن الطريق، واتجه مباشرة نحو شجرة ضخمة ترتفع وسط طريق رملى يمتد إلى ما لا نهاية
********
وهناك رأى السيارة ..
رآها فجأة على ضوء مصباح سيارته، فضغط كامح السيارة فى قوة، وتوقف إلى جوار السيارة التى ارتطمت مقدمتها بعامود معدنى، على مقربة من جذع الشجرة، وانتزعت الضربة محركها، ودفعته إلى حيث مقعدها الأمامى، من شدة الاصطدام وعنف الصدمة
وغادر هيوارد سيارته، وأسرع نحو السيارة المصابة
ولم ير هيوارد أحد داخل السيارة، ولكنه سمع من داخلها صوتاً ضعيفاً وهاناً، يقول: النجدة ياهامبى.. انقذني
وقفز قلب هيوارد بين ضلوعه فى هلع، وانقض على السيارة، وراح يفحص حطامها وهو يهتف: أنا هنا يا جو.. سأنقذك يا صديقى
وأخيراً عثر هيوارد على صديق عمره جون فندربيرك محشوراً وسط الحطام، ومصاباً بجروح شديدة والدماء تنزف منه فى غزارة
وحمل هيوارد صديق عمره إلى سيارته، وانطلق به إلى أقرب مستشفى، حيث أجريت جراحة عاجلة لجون، تمكن خلالها الأطباء من إنقاذ حياته بمعجزة، وقال الجراح الدكتور فيليب ماك آرنى، الذى أجرى العملية لجون: إنه لو تأخر هيوارد عن إنقاذ صديقه ربع ساعة أخرى، للقي جون مصرعه وسط الحطام، دون أن يشعر به مخلوق واحد
********
وهذا صحيح
فالتقرير الذى نشرته جريدة شارلوت نيوز يقول أنه ، وعلى الرغم من أن طريق مونتفورد درايف هذا طريق شديد الحيوية، إلا أن أحداً لم يمر به منذ وقع الحادث، وحتى مرور 45 دقيقة من إنقاذ هيوارد لصديقه
والعجيب أن هيوارد قد سمع صوت الحادث على بعد عشرة كيلو مترات، فى نفس اللحظة التى اصطدمت فيها سيارة جون بالعامود، وقد أثبتت الأبحاث أنه لم يقع أى حادث مماثل، فى دائرة قطرها خمسين كيلو متراً من منزل هيوارد
وبسؤال جون، قال: إن أول ما فكر فيه، عندما ارتطمت سيارته ، هو صديق عمره هامبى.. وهو الاسم الذى يخاطب به هيوارد منذ طفولتهما
********
ولكن كيف حدث هذا؟
كيف استقبل هيوارد رسالة صديقه؟
دعنا نسأل العلماء
********
هؤلاء العلماء يقولون: إن هيوارد قد تلقى رسالة عقلية من صديقه جون بوسيلة خارقة من وسائل التخاطب العقلى، تعرف باسم التخاطر، أو التليباثى
ويقول العلماء أيضاً: إن الظروف التى تم فيها إرسال واستقبال هذه الرسالة ظروف مثالية، إذ أن المادة المسئولة عن تقوية إرسال التخاطر العقلي، هى مادة الأدرينالين، التى يتم إفرازها عن التوتر والقلق والخوف، والإصابة، أما المادة المسئولة عن استقبال الرسائل، فهى مادة الكولين استراز، وهى مادة تفرز عند الاسترخاء والهدوء النفسي
وعندما حدث التصادم، كان جون فى حالة أدرينالجيا ، أي في حالة إفراز شديد للأدرينالين، فى حين كان هيوارد يهم بالنوم، أى كان فى حالة كولينرجيا، أي استرخاء كوليني ، وهذه الظروف المثالية تماماً لنقل واستقبال رسالة عقلية تخاطرية
ولكن كل هذه الأمور مجرد دراسات غير مؤكدة، ونظريات غير موثوق بها
المهم أن هيوارد قد تلقى رسالة جون
أما بالنسبة لكيف، فلندع هذا للدارسين، ولعلماء الظواهر الخارقة
ولما وراء العقل ..
********
-د.نبيـل فـاروق
ليلة العاشر من يونيو عام 1962 م
ليس هذا لأن هيوارد قد أجرى حديثاً إذاعياً ممتازاً فى هذا التاريخ
ولا لأنه حصل على ترقية ، أو علاوة ، أو حتى ابتسامة من رئيسه فى العمل
بل لأنه تلقى فيه رسالة ..
هل أدهشكم الأمر ؟
دعونا إذن نشرح الأمر منذ البداية
********
فى ذلك اليوم انتهى (هيوارد) من عمله بدار الإذاعة ، وعاد إلى منزله فى منتصف الليل تقريباً، ناول طعام العشاء، واستعد للذهاب إلى فراشه، بنفس الروتين اليومى، الذى اعتاده منذ سنوات
وفجأة تجمّد هيوارد فى مكانه ، وبدا لزوجته لحظة أشبه بتمثال من الشمع، لرجل مذعور، سعت عيناه وانفغر فاه
وفجأة أيضاً ، التفت هيوارد إلى زوجته بات، وقال فى توتر: أسمعت الصوت؟
سألته زوجته فى قلق: أي صوت؟
قال فى حيرة: صوت ارتطام السيارة .. هناك حادثة سير
رددت فى قلق أكثر: حادثة سير؟! .. إننى لم أسمع شيئاً
خيل إليها أنه حتى لم يسمعها وهو يندفع نحو حجرته قائلاً: سأستطلع الأمر، وأعود إليك على الفور
هوى قلبها بين قدميها، عندما رأته يرتدى ثيابه فى عجل ، ويسرع إلى حيث سيارته
وتساءلت فى هلع: هل أُصيب هيوارد بالجنون؟
هل فقد عقله، مع شدة انهماكه فى عمله ؟
فكرت فى الاتصال بطبيبهما الخاص، خشية أن تكون حالة هيوارد شديدة الخطورة، ولكن هيوارد لم يمهلها الوقت لهذا ، فقد انطلق بسيارته، قبل حتى أن تتخذ قرارها
********
بالنسبة إليه ، كان الأمر أكثر حيرة
لقد سمع صوت اصطدام السيارة فى وضوح، ولكنه لم يجد سيارة واحدة تتحرك، عندما غادر البيت
وهو واثق مما سمع
وعندما أدار محرك سيارته، لم يكن يدرى بعد، إلى أين يتجه
ولأن منزله يقع عند نقطة تتفرع منها عدة طرق، فقد كان عليه أن يتخذ قراره باختيار الطريق الصحيح الذى يتخذه ليصل إلى منطقة التصادم
وبلا تردد، وبثقة لم يدر من أين حصل عليها، انطلق مباشرة إلى شارع بارك، وعندما بلغ تقاطع وودلون انحرف يميناً ليهبط التل فى ثقة ، وكأنه يعلم مسبقاً إلى أين يتجه
وعندما بلغ موقع تجمع مراكب صيد الجمبري، وجد نفسه يتخذ طريق مونتفورد درايف، بنفس الثقة العجيبة
وقطع هيوارد ستين متراً فحسب ، فى طريق مونتفورد ، ثم وجد نفسه يتوقف فجأة
هنا.. في هذه النقطة بالذات، وحيث لا يوجد أى شئ محدود، كان يشعر بضرورة الخروج عن الطريق الرئيسى
ومجنون هو من يفعل هذا، فى الواحدة صباحاً
هيوارد العاقل يعلم هذا، ولكن هيوارد الذى يقود السيارة لم يمكنه مقاومة هذه الرغبة، فانحرف يميناً وخرج عن الطريق، واتجه مباشرة نحو شجرة ضخمة ترتفع وسط طريق رملى يمتد إلى ما لا نهاية
********
وهناك رأى السيارة ..
رآها فجأة على ضوء مصباح سيارته، فضغط كامح السيارة فى قوة، وتوقف إلى جوار السيارة التى ارتطمت مقدمتها بعامود معدنى، على مقربة من جذع الشجرة، وانتزعت الضربة محركها، ودفعته إلى حيث مقعدها الأمامى، من شدة الاصطدام وعنف الصدمة
وغادر هيوارد سيارته، وأسرع نحو السيارة المصابة
ولم ير هيوارد أحد داخل السيارة، ولكنه سمع من داخلها صوتاً ضعيفاً وهاناً، يقول: النجدة ياهامبى.. انقذني
وقفز قلب هيوارد بين ضلوعه فى هلع، وانقض على السيارة، وراح يفحص حطامها وهو يهتف: أنا هنا يا جو.. سأنقذك يا صديقى
وأخيراً عثر هيوارد على صديق عمره جون فندربيرك محشوراً وسط الحطام، ومصاباً بجروح شديدة والدماء تنزف منه فى غزارة
وحمل هيوارد صديق عمره إلى سيارته، وانطلق به إلى أقرب مستشفى، حيث أجريت جراحة عاجلة لجون، تمكن خلالها الأطباء من إنقاذ حياته بمعجزة، وقال الجراح الدكتور فيليب ماك آرنى، الذى أجرى العملية لجون: إنه لو تأخر هيوارد عن إنقاذ صديقه ربع ساعة أخرى، للقي جون مصرعه وسط الحطام، دون أن يشعر به مخلوق واحد
********
وهذا صحيح
فالتقرير الذى نشرته جريدة شارلوت نيوز يقول أنه ، وعلى الرغم من أن طريق مونتفورد درايف هذا طريق شديد الحيوية، إلا أن أحداً لم يمر به منذ وقع الحادث، وحتى مرور 45 دقيقة من إنقاذ هيوارد لصديقه
والعجيب أن هيوارد قد سمع صوت الحادث على بعد عشرة كيلو مترات، فى نفس اللحظة التى اصطدمت فيها سيارة جون بالعامود، وقد أثبتت الأبحاث أنه لم يقع أى حادث مماثل، فى دائرة قطرها خمسين كيلو متراً من منزل هيوارد
وبسؤال جون، قال: إن أول ما فكر فيه، عندما ارتطمت سيارته ، هو صديق عمره هامبى.. وهو الاسم الذى يخاطب به هيوارد منذ طفولتهما
********
ولكن كيف حدث هذا؟
كيف استقبل هيوارد رسالة صديقه؟
دعنا نسأل العلماء
********
هؤلاء العلماء يقولون: إن هيوارد قد تلقى رسالة عقلية من صديقه جون بوسيلة خارقة من وسائل التخاطب العقلى، تعرف باسم التخاطر، أو التليباثى
ويقول العلماء أيضاً: إن الظروف التى تم فيها إرسال واستقبال هذه الرسالة ظروف مثالية، إذ أن المادة المسئولة عن تقوية إرسال التخاطر العقلي، هى مادة الأدرينالين، التى يتم إفرازها عن التوتر والقلق والخوف، والإصابة، أما المادة المسئولة عن استقبال الرسائل، فهى مادة الكولين استراز، وهى مادة تفرز عند الاسترخاء والهدوء النفسي
وعندما حدث التصادم، كان جون فى حالة أدرينالجيا ، أي في حالة إفراز شديد للأدرينالين، فى حين كان هيوارد يهم بالنوم، أى كان فى حالة كولينرجيا، أي استرخاء كوليني ، وهذه الظروف المثالية تماماً لنقل واستقبال رسالة عقلية تخاطرية
ولكن كل هذه الأمور مجرد دراسات غير مؤكدة، ونظريات غير موثوق بها
المهم أن هيوارد قد تلقى رسالة جون
أما بالنسبة لكيف، فلندع هذا للدارسين، ولعلماء الظواهر الخارقة
ولما وراء العقل ..
********
-د.نبيـل فـاروق
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
الأمنية الكاذبة
الأمنية الكاذبة
وأنا أقلب صفحات قصة أدهم صبري وكيف كان يصارع الأشرار ويتغلب عليهم بكل ما أوتي من قوة فى سبيل الوقوف بجانب الخير والفضيلة والتصدي للشر.
تمنيت أن أكون مثل هذا البطل! أعجبني أنه كان حادًّا كالسيف فى التصدي للشر، لا يقبل المساومة معهم أبدا وكان يتميز بمكره ودهائه فى التلاعب بمن يمثلون الشر؛ فهو يتوقع منهم أن يستخدموا أقرب الناس منه فى أساليب الضغط عليه. ولكنه لا يفقد الأمل أبدا، ثابت على موقفه، يظهر حقيقة هؤلاء الأشرار، وينتقل من موقف إلى آخر ومن انتصار إلى انتصار، وتارة يقف المحيطون به بجانبه ومرات يتخلون عنه، ولكنه كما قلنا كالسيف وهذا ما صنعه بطلا.
ثم أعدت النظر إلى حياتي كيف كنت فى بعض المواقف واقفا بجانب الخير رغم الصعوبات التى واجهتني وكيف كنت متساهلا أحيانًا أخرى!
أدركت أنني أحيانا أتمنى أمنيات كاذبة! هى كاذبة لأنها فى الحقيقة ليست أمنية من نابع إرادتي، وإنما هي مجرد خيال نتيجة تأثري بالشخصيات البطولية.
أحيانا أخدع نفسي عندما أعطي لنفسي الأعذار التى تتناقض مع المبادئ والقيم أو المعايير التى تميز بين الصواب والخطأ الخير والشر.
هذه القصة ليست من وحي خيال الكاتب وإنما تعبر عن واقع مأساوي لنا؛ فأحيانا نتخلى عن الوقوف بجانب الخير ملتمسين الأعذار التى لا تعبر إلاعن أننا لسنا نريده بصدق كامل، فربما لنا أغراض أخرى أو أننا قد تغيرنا أو أي سبب آخر، لكن الخلاصة أن كلامنا لا يشبه واقعنا! نتشدق بحبنا للأبطال الذين سبقونا فى سلم الكمال عبر التاريخ ونخاف أن نأخذ مواقف تشبه مواقفهم خوفا من أن نكون بمفردنا فى هذه القرارات، ونرفع شعارات ننصح بها الناس تناقض ذلك بأنه لا يجب أن تسير مع القطيع وأن تكن مع الحق وإن كنت وحيدا، لكن للأسف واقعنا لا يشبه كلماتنا وأمنياتنا التى تتردد على ألسنتنا! هذا التناقض بعينه، التناقض بين الواقع وبين الدعاوى، نتخلى بأنفسنا عن أبسط القواعد البديهية!
العبرة أيها القارئ الكريم أنك عندما تكون بجانب الخير لا تخف حتى وإن خذلك أقرب الناس إليك، حتى وإن خذلتك نفسك فالخير لا يأتي إلا بالخير، قاوم كل ما هو عكس الخير تكن من السعداء.
هناك فكرة مهمة يجب توضيحها: أحيانا نقع فى الخطأ ونكذب على أنفسنا حتى نصدق هذه الأعذار الكاذبة. وأساس العلاج هو الاعتراف بالحقيقة أو الاعتراف بالحق حتى وإن لم نفعله، والاعتراف بالتقاعس عنه هو المرحلة الثانية من العلاج. ومقاومة النزعات الباطلة التي تخالف الحق. فالشر له صور كثيرة فى الموقف الواحد بينما الخير له صورة واحدة فى الموقف. لذلك يجب علينا مقاومة النفس عند حيادها عن طريق الخير، هذه المقاومة وإن لم نُصِب فيها الحق بالشكل الكامل لكنها الخير بعينه.
اصنع سفينتك
اصنع سفينتك
جَزيرةٌ مُنعزلة ترسو عليها طائرةٌ مُحطمة وطاقمها المكون من ثلاثَةِ أفراد.
رأى أولُهُم بقايا سفينةٍ صغيرة لا يعلم ماذا أتى بِها إلى تِلكَ الجزيرة لكن ليس هذا ما يَستحق التفكير الآن، هرع إليها وشرع فى إصلاحِها كي ينجوا بنفسِهِ من تِلكَ المحنة.
لكن لأن تِلكَ السفينة لن تتسع للجميع، اتجه الثانى صوب جِزعِ شجرةٍ وجده أمام عينيه، لم يشغل باله كثيرًا بحالة الجزع السيئة لأنه ظن أن جُهدَه لن يكفى للبَحثِ عن آخَرَ أفضل منه، ثم شَرَعَ فى بناءِ سفينته الخاصة.
أما الثالِثُ فانطلق بحثًا عن شَجَرةٍ أفضَلُ حالاً، لكنه بعد أن وجدها لم يستطع البدء فى صناعة سَفينة نجاتِهِ لأنه لم تكن لديه أى فكرة عن صِناعة السفن فاتخذ من حَظهِ خليلاً راجياً منه ألا يخذله فى محنته تلك، ثم بدأ فى صناعةِ شيئًا يُشبِهُ السفن التى لطالما رآها.
أبحَرَ ثلاثتُهُم، لكن وبعد دقائِقَ معدودةٍ ظَهَرَ عيبٌ فى السَفينةِ الأولى لم يكن فى حسبانِ صانِعُها فبدأت فى الغرق مع صاحِبِها الذى نَدِمَ على ثِقتِه العمياء فيما تركه له من سَبَقَهُ دون بحث وتحقق.
وأما السفينة الثانية فلم تستطع تحمل الأمواج نظرًا لردائة الخَشبِ الذى صُنِعت منه، فتمنى صاحبها لو أنه صبر وانتقى جِزعًا أفضل، لكن فات الأوان.
وأما السفينة الثالثة فقد غَرِقت على الشاطئ لأنها لم تُبنَ بطريقةٍ سليمة، وتركت صاحِبُها غارقًا فى جَهلِهِ لا يعلم كيف سيخرُجُ من تلك الجزيرة.
فهل ستُبحِرُ سفينتك؟
هل ما نظنه حقيقةً هو بالفعل حقيقةً مطابقةً للواقع أم أنه جهلاً مركباً، جهلٌ بالحقيقةِ وجهل بجهلنا؟
إن الوصول إلى الحقيقةِ يلزمه يقينٌ تامٌ بما وصلنا إليه؛ لأن تلك الحقيقة ستدخل فى بناءِ حقيقةٍ أخرى، وتلك الأخرى ستدخل فى بناءِ حقيقةِ تليها إلى آخر الحياة، فإذا لم تتصف كل حقيقةٍ نصلُ إليها فى رحلتنا الفكرية باليقين التام ستجعل البناء الفكرى كله هشًّا وعرضةً للانهيار إذا ما ثَبتَ بطلان أيًّا مما نظنه حقيقة.
إن الوصول إلى الحقيقة كبناءِ تلك السُفُنِ سالِفةَ الذكر، يلزمه خطواتٍ ثلاث حتى تستطيع سفينتك مُجابهة الأمواج والانتقالُ بك من جزيرة الجهل إلى جنةِ المعرفة.
الشك
لا تَثِقُ فى كلِ ما تَركَهُ لك الأولون، فمن الخطورةِ بما كان أن تشرع فى البناءِ على أساسٍ لم تصنعه أنت، ولم تتحقق من قوته ومطابقته للواقع فلربما كان بِهِ عيبٌ يودى برحلتك الفكرية كلها.
انتقِ مادتك
أما موادُ البناءِ الفكرى فتتمثل فى مفهومِكَ للأشياء، فإن كان مفهومك لمكونات قضيةٍ ما مُطابقًا للواقع كانت مادةَ البناءِ قويةً بما يكفى لِتصل إلى الحُكم السليم فى تِلكَ القضية، وأما إن كان غير ذلك فمن البداهةِ ألا يكونُ حكمك سليمًا.
فعلى سبيل المثال، إن كان مفهومك عن تعريف السيارة أنها مكانٌ للسكن، فسيكون حُكمَكَ على أفضل سيارات العصر بأنها سيئة نظرًا لصِغرِ حجمها وعدم صلاحيتها للسكن، وهكذا فى كل قضيةٍ تتطلب منك حكمًا، إن كان مفهومك خاطئًا فلن يكون حكمك صائبًا بأى حال.
تَعلم كيفية البناء
فبعد أن انتقيت مواد البناء وتيقنت من صحتها ومطابقتها للواقع، يأتى دورُ التأليف بين تلك المواد لكى تصل إلى الحقيقة، فبدون معرفة كيفية البناء ستبقى فى جزيرة الجهل عاجزًا عن إحراز أى تقدمٍ يُذكر، وإذا ألفت بين موادك على غير الهيئة الصحيحة فإما أن ينهار بناءؤك الفكرى أو أن تَصِلَ إلى غير الحقيقة فتحيدُ عن الغايةُ الكبرى.
فإذا وصلت إلى الحقيقة، أبحر من جزيرة الجهل وانتقل من حقيقةٍ إلى أخرى صوب جنة الدنيا، المعرفة.
التخاطر ...
ما وراء العقــل(التخاطر)
من المؤكد أن (هيوارد ويلار) المذيع المعروف بإذاعة مدينة شارلوت الأمريكية لن ينسى أبداً أحداث تلك الليلة
ليلة العاشر من يونيو عام 1962 م
ليس هذا لأن هيوارد قد أجرى حديثاً إذاعياً ممتازاً فى هذا التاريخ
ولا لأنه حصل على ترقية ، أو علاوة ، أو حتى ابتسامة من رئيسه فى العمل
بل لأنه تلقى فيه رسالة ..
هل أدهشكم الأمر ؟
دعونا إذن نشرح الأمر منذ البداية
********
فى ذلك اليوم انتهى (هيوارد) من عمله بدار الإذاعة ، وعاد إلى منزله فى منتصف الليل تقريباً، ناول طعام العشاء، واستعد للذهاب إلى فراشه، بنفس الروتين اليومى، الذى اعتاده منذ سنوات
وفجأة تجمّد هيوارد فى مكانه ، وبدا لزوجته لحظة أشبه بتمثال من الشمع، لرجل مذعور، سعت عيناه وانفغر فاه
وفجأة أيضاً ، التفت هيوارد إلى زوجته بات، وقال فى توتر: أسمعت الصوت؟
سألته زوجته فى قلق: أي صوت؟
قال فى حيرة: صوت ارتطام السيارة .. هناك حادثة سير
رددت فى قلق أكثر: حادثة سير؟! .. إننى لم أسمع شيئاً
خيل إليها أنه حتى لم يسمعها وهو يندفع نحو حجرته قائلاً: سأستطلع الأمر، وأعود إليك على الفور
هوى قلبها بين قدميها، عندما رأته يرتدى ثيابه فى عجل ، ويسرع إلى حيث سيارته
وتساءلت فى هلع: هل أُصيب هيوارد بالجنون؟
هل فقد عقله، مع شدة انهماكه فى عمله ؟
فكرت فى الاتصال بطبيبهما الخاص، خشية أن تكون حالة هيوارد شديدة الخطورة، ولكن هيوارد لم يمهلها الوقت لهذا ، فقد انطلق بسيارته، قبل حتى أن تتخذ قرارها
********
بالنسبة إليه ، كان الأمر أكثر حيرة
لقد سمع صوت اصطدام السيارة فى وضوح، ولكنه لم يجد سيارة واحدة تتحرك، عندما غادر البيت
وهو واثق مما سمع
وعندما أدار محرك سيارته، لم يكن يدرى بعد، إلى أين يتجه
ولأن منزله يقع عند نقطة تتفرع منها عدة طرق، فقد كان عليه أن يتخذ قراره باختيار الطريق الصحيح الذى يتخذه ليصل إلى منطقة التصادم
وبلا تردد، وبثقة لم يدر من أين حصل عليها، انطلق مباشرة إلى شارع بارك، وعندما بلغ تقاطع وودلون انحرف يميناً ليهبط التل فى ثقة ، وكأنه يعلم مسبقاً إلى أين يتجه
وعندما بلغ موقع تجمع مراكب صيد الجمبري، وجد نفسه يتخذ طريق مونتفورد درايف، بنفس الثقة العجيبة
وقطع هيوارد ستين متراً فحسب ، فى طريق مونتفورد ، ثم وجد نفسه يتوقف فجأة
هنا.. في هذه النقطة بالذات، وحيث لا يوجد أى شئ محدود، كان يشعر بضرورة الخروج عن الطريق الرئيسى
ومجنون هو من يفعل هذا، فى الواحدة صباحاً
هيوارد العاقل يعلم هذا، ولكن هيوارد الذى يقود السيارة لم يمكنه مقاومة هذه الرغبة، فانحرف يميناً وخرج عن الطريق، واتجه مباشرة نحو شجرة ضخمة ترتفع وسط طريق رملى يمتد إلى ما لا نهاية
********
وهناك رأى السيارة ..
رآها فجأة على ضوء مصباح سيارته، فضغط كامح السيارة فى قوة، وتوقف إلى جوار السيارة التى ارتطمت مقدمتها بعامود معدنى، على مقربة من جذع الشجرة، وانتزعت الضربة محركها، ودفعته إلى حيث مقعدها الأمامى، من شدة الاصطدام وعنف الصدمة
وغادر هيوارد سيارته، وأسرع نحو السيارة المصابة
ولم ير هيوارد أحد داخل السيارة، ولكنه سمع من داخلها صوتاً ضعيفاً وهاناً، يقول: النجدة ياهامبى.. انقذني
وقفز قلب هيوارد بين ضلوعه فى هلع، وانقض على السيارة، وراح يفحص حطامها وهو يهتف: أنا هنا يا جو.. سأنقذك يا صديقى
وأخيراً عثر هيوارد على صديق عمره جون فندربيرك محشوراً وسط الحطام، ومصاباً بجروح شديدة والدماء تنزف منه فى غزارة
وحمل هيوارد صديق عمره إلى سيارته، وانطلق به إلى أقرب مستشفى، حيث أجريت جراحة عاجلة لجون، تمكن خلالها الأطباء من إنقاذ حياته بمعجزة، وقال الجراح الدكتور فيليب ماك آرنى، الذى أجرى العملية لجون: إنه لو تأخر هيوارد عن إنقاذ صديقه ربع ساعة أخرى، للقي جون مصرعه وسط الحطام، دون أن يشعر به مخلوق واحد
********
وهذا صحيح
فالتقرير الذى نشرته جريدة شارلوت نيوز يقول أنه ، وعلى الرغم من أن طريق مونتفورد درايف هذا طريق شديد الحيوية، إلا أن أحداً لم يمر به منذ وقع الحادث، وحتى مرور 45 دقيقة من إنقاذ هيوارد لصديقه
والعجيب أن هيوارد قد سمع صوت الحادث على بعد عشرة كيلو مترات، فى نفس اللحظة التى اصطدمت فيها سيارة جون بالعامود، وقد أثبتت الأبحاث أنه لم يقع أى حادث مماثل، فى دائرة قطرها خمسين كيلو متراً من منزل هيوارد
وبسؤال جون، قال: إن أول ما فكر فيه، عندما ارتطمت سيارته ، هو صديق عمره هامبى.. وهو الاسم الذى يخاطب به هيوارد منذ طفولتهما
********
ولكن كيف حدث هذا؟
كيف استقبل هيوارد رسالة صديقه؟
دعنا نسأل العلماء
********
هؤلاء العلماء يقولون: إن هيوارد قد تلقى رسالة عقلية من صديقه جون بوسيلة خارقة من وسائل التخاطب العقلى، تعرف باسم التخاطر، أو التليباثى
ويقول العلماء أيضاً: إن الظروف التى تم فيها إرسال واستقبال هذه الرسالة ظروف مثالية، إذ أن المادة المسئولة عن تقوية إرسال التخاطر العقلي، هى مادة الأدرينالين، التى يتم إفرازها عن التوتر والقلق والخوف، والإصابة، أما المادة المسئولة عن استقبال الرسائل، فهى مادة الكولين استراز، وهى مادة تفرز عند الاسترخاء والهدوء النفسي
وعندما حدث التصادم، كان جون فى حالة أدرينالجيا ، أي في حالة إفراز شديد للأدرينالين، فى حين كان هيوارد يهم بالنوم، أى كان فى حالة كولينرجيا، أي استرخاء كوليني ، وهذه الظروف المثالية تماماً لنقل واستقبال رسالة عقلية تخاطرية
ولكن كل هذه الأمور مجرد دراسات غير مؤكدة، ونظريات غير موثوق بها
المهم أن هيوارد قد تلقى رسالة جون
أما بالنسبة لكيف، فلندع هذا للدارسين، ولعلماء الظواهر الخارقة
ولما وراء العقل ..
********
-د.نبيـل فـاروق
ليلة العاشر من يونيو عام 1962 م
ليس هذا لأن هيوارد قد أجرى حديثاً إذاعياً ممتازاً فى هذا التاريخ
ولا لأنه حصل على ترقية ، أو علاوة ، أو حتى ابتسامة من رئيسه فى العمل
بل لأنه تلقى فيه رسالة ..
هل أدهشكم الأمر ؟
دعونا إذن نشرح الأمر منذ البداية
********
فى ذلك اليوم انتهى (هيوارد) من عمله بدار الإذاعة ، وعاد إلى منزله فى منتصف الليل تقريباً، ناول طعام العشاء، واستعد للذهاب إلى فراشه، بنفس الروتين اليومى، الذى اعتاده منذ سنوات
وفجأة تجمّد هيوارد فى مكانه ، وبدا لزوجته لحظة أشبه بتمثال من الشمع، لرجل مذعور، سعت عيناه وانفغر فاه
وفجأة أيضاً ، التفت هيوارد إلى زوجته بات، وقال فى توتر: أسمعت الصوت؟
سألته زوجته فى قلق: أي صوت؟
قال فى حيرة: صوت ارتطام السيارة .. هناك حادثة سير
رددت فى قلق أكثر: حادثة سير؟! .. إننى لم أسمع شيئاً
خيل إليها أنه حتى لم يسمعها وهو يندفع نحو حجرته قائلاً: سأستطلع الأمر، وأعود إليك على الفور
هوى قلبها بين قدميها، عندما رأته يرتدى ثيابه فى عجل ، ويسرع إلى حيث سيارته
وتساءلت فى هلع: هل أُصيب هيوارد بالجنون؟
هل فقد عقله، مع شدة انهماكه فى عمله ؟
فكرت فى الاتصال بطبيبهما الخاص، خشية أن تكون حالة هيوارد شديدة الخطورة، ولكن هيوارد لم يمهلها الوقت لهذا ، فقد انطلق بسيارته، قبل حتى أن تتخذ قرارها
********
بالنسبة إليه ، كان الأمر أكثر حيرة
لقد سمع صوت اصطدام السيارة فى وضوح، ولكنه لم يجد سيارة واحدة تتحرك، عندما غادر البيت
وهو واثق مما سمع
وعندما أدار محرك سيارته، لم يكن يدرى بعد، إلى أين يتجه
ولأن منزله يقع عند نقطة تتفرع منها عدة طرق، فقد كان عليه أن يتخذ قراره باختيار الطريق الصحيح الذى يتخذه ليصل إلى منطقة التصادم
وبلا تردد، وبثقة لم يدر من أين حصل عليها، انطلق مباشرة إلى شارع بارك، وعندما بلغ تقاطع وودلون انحرف يميناً ليهبط التل فى ثقة ، وكأنه يعلم مسبقاً إلى أين يتجه
وعندما بلغ موقع تجمع مراكب صيد الجمبري، وجد نفسه يتخذ طريق مونتفورد درايف، بنفس الثقة العجيبة
وقطع هيوارد ستين متراً فحسب ، فى طريق مونتفورد ، ثم وجد نفسه يتوقف فجأة
هنا.. في هذه النقطة بالذات، وحيث لا يوجد أى شئ محدود، كان يشعر بضرورة الخروج عن الطريق الرئيسى
ومجنون هو من يفعل هذا، فى الواحدة صباحاً
هيوارد العاقل يعلم هذا، ولكن هيوارد الذى يقود السيارة لم يمكنه مقاومة هذه الرغبة، فانحرف يميناً وخرج عن الطريق، واتجه مباشرة نحو شجرة ضخمة ترتفع وسط طريق رملى يمتد إلى ما لا نهاية
********
وهناك رأى السيارة ..
رآها فجأة على ضوء مصباح سيارته، فضغط كامح السيارة فى قوة، وتوقف إلى جوار السيارة التى ارتطمت مقدمتها بعامود معدنى، على مقربة من جذع الشجرة، وانتزعت الضربة محركها، ودفعته إلى حيث مقعدها الأمامى، من شدة الاصطدام وعنف الصدمة
وغادر هيوارد سيارته، وأسرع نحو السيارة المصابة
ولم ير هيوارد أحد داخل السيارة، ولكنه سمع من داخلها صوتاً ضعيفاً وهاناً، يقول: النجدة ياهامبى.. انقذني
وقفز قلب هيوارد بين ضلوعه فى هلع، وانقض على السيارة، وراح يفحص حطامها وهو يهتف: أنا هنا يا جو.. سأنقذك يا صديقى
وأخيراً عثر هيوارد على صديق عمره جون فندربيرك محشوراً وسط الحطام، ومصاباً بجروح شديدة والدماء تنزف منه فى غزارة
وحمل هيوارد صديق عمره إلى سيارته، وانطلق به إلى أقرب مستشفى، حيث أجريت جراحة عاجلة لجون، تمكن خلالها الأطباء من إنقاذ حياته بمعجزة، وقال الجراح الدكتور فيليب ماك آرنى، الذى أجرى العملية لجون: إنه لو تأخر هيوارد عن إنقاذ صديقه ربع ساعة أخرى، للقي جون مصرعه وسط الحطام، دون أن يشعر به مخلوق واحد
********
وهذا صحيح
فالتقرير الذى نشرته جريدة شارلوت نيوز يقول أنه ، وعلى الرغم من أن طريق مونتفورد درايف هذا طريق شديد الحيوية، إلا أن أحداً لم يمر به منذ وقع الحادث، وحتى مرور 45 دقيقة من إنقاذ هيوارد لصديقه
والعجيب أن هيوارد قد سمع صوت الحادث على بعد عشرة كيلو مترات، فى نفس اللحظة التى اصطدمت فيها سيارة جون بالعامود، وقد أثبتت الأبحاث أنه لم يقع أى حادث مماثل، فى دائرة قطرها خمسين كيلو متراً من منزل هيوارد
وبسؤال جون، قال: إن أول ما فكر فيه، عندما ارتطمت سيارته ، هو صديق عمره هامبى.. وهو الاسم الذى يخاطب به هيوارد منذ طفولتهما
********
ولكن كيف حدث هذا؟
كيف استقبل هيوارد رسالة صديقه؟
دعنا نسأل العلماء
********
هؤلاء العلماء يقولون: إن هيوارد قد تلقى رسالة عقلية من صديقه جون بوسيلة خارقة من وسائل التخاطب العقلى، تعرف باسم التخاطر، أو التليباثى
ويقول العلماء أيضاً: إن الظروف التى تم فيها إرسال واستقبال هذه الرسالة ظروف مثالية، إذ أن المادة المسئولة عن تقوية إرسال التخاطر العقلي، هى مادة الأدرينالين، التى يتم إفرازها عن التوتر والقلق والخوف، والإصابة، أما المادة المسئولة عن استقبال الرسائل، فهى مادة الكولين استراز، وهى مادة تفرز عند الاسترخاء والهدوء النفسي
وعندما حدث التصادم، كان جون فى حالة أدرينالجيا ، أي في حالة إفراز شديد للأدرينالين، فى حين كان هيوارد يهم بالنوم، أى كان فى حالة كولينرجيا، أي استرخاء كوليني ، وهذه الظروف المثالية تماماً لنقل واستقبال رسالة عقلية تخاطرية
ولكن كل هذه الأمور مجرد دراسات غير مؤكدة، ونظريات غير موثوق بها
المهم أن هيوارد قد تلقى رسالة جون
أما بالنسبة لكيف، فلندع هذا للدارسين، ولعلماء الظواهر الخارقة
ولما وراء العقل ..
********
-د.نبيـل فـاروق
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)