Newsletter

الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

اللغة العربية – نظرة مستقبلية

اللغة العربية – نظرة مستقبلية

حاضر اللغة العربية

نحن نواجه أزمة.. هذه الأزمة بدأت منذ عصور سحيقة ومازلنا نعايشها.. هذه الأزمة هي أزمة اللغة العربية، فاللغة لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها. فاللغة التي كانت تستخدم في تسمية الاختراعات والأجهزة (مثل الإسطرلاب والأمبيق) والتي نزل بها الوحي القرآني العظيم ودونت بها التراجم وآثار الحضارات السالفة صارت تراثا وذكريات لا نتعايش معه إلا في أضيق الحدود. ونحن لن نحاول في هذا الطرح تناول الأزمة بالصورة التاريخية التقليدية وذلك لكثرة الجدل في هذا الباب أولا وثانيا لكثرة الأبحاث التي تناولت الموضوع من هذه الجهة.

سنحاول في هذا الطرح أن نتناول الموضوع من جهة دور اللغة في المنطق والفكر وتطور العلم والتقنيات الحديثة. ومن ثم نحاول الوصول لأسباب الظاهرة أو الأزمة المتعلقة باللغة العربية. ثم نقيم الأثر النفسي والاجتماعي لهذه الأزمة على المجتمع العربي.

قيمة اللفظ

اللغة أو الألفاظ هي الطريقة التي ابتكرها الإنسان وأتقنها للتعبير عن أفكاره بصورة عامة مهما وأيا كانت تلك الأفكار؛ ولذلك كانت قيمة اللفظ ليست في ذات اللفظ بل في المعنى الذي يحمله اللفظ ويعبر عنه. فهو كنظام وضعي (تواضعت الناس عليه) يعتمد في استمراريته على مدى ارتباطهبواقع حياة الإنسان، وإننا عند تحليل ارتباط اللغة العربية في حياتنا نجده وثيقا قويا في الأمور الدينية وبعض الأمور الإدارية في بعض الدول العربية (لا تزال اللغة الرسمية للوزارات والمصالح الحكومية هي اللغة العربية في مصر مثلا) ولا نجد له أثرا ملحوظا في باقي أمور الحياة؛ فتحولت اللغة من وسيلة للتعبير عن الأفكار لأدوات وصل وفصل بين الألفاظ الغربية والأجنبية الدخيلة أو ما يسمى بالـ (فرانكو أراب).

لا نسعى هنا لإثارة النعرات والصرخات الانتمائية والأصولية والتي تفتقر لتحليل الواقع وتشخيص الحلول. فالغرب واللغات الأجنبية لم تكن لتستطيع فرض نفسها في واقع حياتنا دون مبررات ومقدمات مفهومة. فالموضوع ليس مجرد الغزو أو الاحتلال. فمثلا لقد احتل الهكسوس مصر في العصور السحيقة ولكن لم يلاحَظ تحول كبير في اللغة أو العادات عند المصريين بل حدث العكس. فالهكسوس وهم قبائل بربرية لم تكن تمتلك هذا الإرث الضخم والحضور القوي في مجال العلوم والفنون؛ فبدلا من أن يطرحوا هم بديلا حضاريا أقوى وأعمق من النموذج المصري وجدوا أنفسهم مضطرين لترك عادتهم ولغتهم وتقاليدهم والتعرف على الحضارة المصرية وتعلم فنونها وعلومها. لم يقتصر الموضوع على العلم بل دخل في صيحات الملابس واختيار الأسماء. فلبس الملوك الهكسوس اللباس المصري وتكلموا بالمصري حتى اختفت الفوارق تقريبا واندمجوا بشكل شبه كامل في الواقع الاجتماعي المصري.

إذا فليس شرطا أن يكون الاحتلال وحده السبب الرئيسي في انهيار اللغة أو اضمحلالها. فاللغة المدعومة بمنظومة فكرية وعلمية ودينية واقتصادية قوية تجدها أقوى في مقاومة الغزو الفكري والثقافي أيا كان مصدره.

الترجمة واللغة

إن العلم في ذاته هو تراكم للخبرات والاجتهادات الإنسانية فهو ليس إذا إرثا لأحد دون الآخر بل هو إرث إنساني مشترك (يدخل في المشتركات الحضارية) على عكس الرؤية الكونية أو الثيولوجيا والتي تصنف كخصائص حضارية تتميز بها كل حضارة عن الأخرى. ولكن ولاختلاف اللغة بين الحضارات وبين الشعوب في نفس الحضارة فلقد كانت ومنذ قديم الأزل حركات الترجمة المحرك الرئيسي لدفع الحضارة ومعها اللغة نحو الاستمرارية والتطور وتجديد الروابط مع الواقع الإنساني.

ظهرت ثورات الترجمة وأثبتت على مر التاريخ أن دورها هام في تجديد دم الحضارات والحفاظ على نشاطها. فالرومان درسوا الفنون والعلوم في اليونان ثم نقلوها لبلادهم وطوروا عليها. وحضارة اليونان بدورها بدأت مسارها الحضاري بالنقلوالتعلم من الحضارات التي سبقتها فتعلمت من الحضارة المصرية والفارسية. أما حضارات النيل وما بين النهرين فلقد سُجل عنها في التاريخ غزارة التفاعل الحضاري من خلال التجارة وتناقل الخبرات والعلوم مما أسس لهذا البحر الزاخر من الإرث العلمي والحضاري القوي والذي كان متاحا فقط للمتمكن من فك رموز اللغات الغريبة عنه.

ثم جاء عصر الحضارة الإسلامية والتي تفجرت فيها حركات الترجمة بغزارة مثل غيرها من الحضارات كمًا وكيفًا خاصة مع توسع فتوحات الدولة الإسلامية وتواصلها مع حضارات الهند والصين والفرس شرقا والإغريق والبيزنطيين (الوريث الشرعي للرومان) شمالا. كان لابد من نمو حركات الترجمة والتي بدأت أولا بالترجمات اللغوية أو الحرفية فكانت ضعيفة غير معبرة عن المعاني بقدر كونها مجرد تصاوير للألفاظ. ثم تطورت إلى مرحلة الترجمة المعنوية والتي اهتمت بالمعنى المجرد الذي يشير له اللفظ (الوجود المعنوي لا اللفظي). فكانت تراجم الفارابي على سبيل المثال لكتب أرسطو وشروحاته لبعض منها السبيل الذي مهد لابن سينا ومن تلاه من المنطقيين والفلاسفة أن يقدموا للإرث الإنساني والحضاري ما قدموه من اجتهادات لا نزال نتناولها ليومنا هذا. فاعلم أنك عندما تفتح كتابا للفلسفة أو المنطق أو الجبر أو ماشابه فستجد أن هناك بعض اللفظات والعبارات المبعثرة هنا وهناك والتي تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل بداية من أرسطو أو أفلاطون أو فيثاغورس مثلا.

وهذا العرض يوضح مدى أهمية حركة الترجمة والتعرف على اللغات الأخرى ويدل بصورة أو بأخرى أن تعلم اللغات الجديدة ليس بالضرورة السبب في ضياع الهوية اللغوية للحضارة بل قد يكون السبب في إثراءها وتطعيمها بالمفاهيم والعلاقات الجديدية عليها والتي تساعد على تطورها وبقائها.

المدارس العلمية واللغة

ثم بعد التراجم والشروحات يأتي دور المدارس العلمية في تناقل وحفظ هذا الكم المهول من المعلومات. فتوفرت في كل هذه الحضارات العوامل الرئيسية لتطور الحصيلة العلمية الإنسانية فكان هناك الأستاذ المحقق والمجدد وطالب العلم المخلص المتفاني والكتاب المتقن الدقيق. فكان الأستاذ الماهر لا يعتمد على التلقين فحسب ولكن على الإفهام والتحليل ليتمكن التلميذ من إتقان المسائل المتنوعة بشكل كافي يسمح له أن يدخل في مرحلة التجديد والابتكار. وكان التلميذ المتفاني معروفًا بشغفه للعلم والمعرفة وكانت الأسرة لها دور ففي الحالات المحظوظة ينمو الطالب في جو سليم أسريا وأكاديميا يسمح له أن يهتم بدراسته.

ولذلك كانت قوة المنظومة التعليمية وإفرازها المستمر للقدرات الذهنية العلمية الجديدة حافزا وعاملا أساسيا لتطور العلوم والفنون في تلك الحضارة. طبعا كان هناك دورا للدولة في إتمام المشاريع العلمية العملاقة التي تزيد من قوة العلماء في التحقيق والدراسة كبناء الجامعات وتحديد المرتبات لطلبة العلم وإنشاء المعامل والمكتبات والمراصد الفلكية.

التطور العلمي واللغة

ثم تأتي الثمرة لهذا البناء العملاق. فبعد تكوين مخزون هائل من العلوم وتدارسها وتفهمها، تبدأ المنظومة العلمية في أن تؤثر في واقع الإنسان وتنتقل من دور المتلقي لدور المبدع والمبتكر. فتستخدم المبادئ العلمية والتطبيقية في تنظيم شؤون المجتمع ودفع عجلة التطور والحضارة نحو المستقبل. تقدم المؤسسة العلمية في هذه العملية للمجتمع الكثير من أساليب التنظيم والإدارة وآلات الإنتاج والتصنيع وتنسق لكل من تلك التطويرات منظومة من الألفاظ والكلمات التي توصف دقة وكيفية عملها مما يضيف إلى المخزون اللغوي بصورة مترابطة مع واقع المجتمع وحياته. هذه الإضافة تكون جوهرية ومميزة وذاتية لتلك الحضارة فلا تضيع بسهولة. على عكس حركات الترجمة والتأليف الساذجة التي لا تتعدى كونها تلاعب وتشكيل بالألفاظ لخلق ألفاظ جديدة والتي وإن كانت متقنة فإنها لن تعلق في ذهن الحضارة أو المجتمع لأنها لم تأتِكثمرة لمجهود تفاعلي ضخم بين المجتمع الإنساني والواقع واللغة. ففي النموذج الحضاري الكامل لا يكون تاريخ اللفظ مجرد نزوة لغوية لمترجم في غرفة مغلقة كي ينسى بسهولة بل ينتج من تراكم مجهودات وتحليلات عظيمة وتجارب ومعاناة لتصنع فكرة أو آلة أو معنى جدبد مما يجعل هناك اعتزازا وافتخارا باستخدام اللفظ الذي يشير لهذا المعنى في هذه اللغة دون غيرها.

قيمة اللغة

ومن هذا التحليل يتضح بعد آخر للغة في حياة المجتمع والحضارات. فاللفظ المستخدم ليس تجريدا للفكرة التي يعبر عنها فقط. بل إنه يحمل معه تاريخ هذه الفكرة أيضا ومعها الكثير من الأسماء والمعارك والتضحيات والتجارب والذكريات السعيدة والحزينة. وإنه كلما زاد التراكم التاريخي والإنساني وراء اللفظ زاد ارتباط الإنسان به وفضله على غيره من الألفاظ المستحدثة.

ولهذا نجد أن دعوتنا لإحياء اللغة العربية وإعادتها لمكانتها التي كانت عليها يوما ليست دعوة للاهتمام بباب دون آخر أو نوع من المجهود الإنساني دون غيره. بل هي دعوة لإحياء الإنسان العربي ككل. وبهذا تصل إلى أن إحياء اللغة لن يكون هو البداية بل سيكون الثمرة لمجهود أمة ترفض أن تنسى تاريخها أو تستسلم في حاضرها أو تبيع مستقبلها. نحن كما ذكرنا سابقا لا نريد الهتاف الحماسي والدعوات الفارغة التي لا تصاحبها غير بعض محاولات الترجمة الضعيفة التي سرعان ما تنتهي بلا شيء. نحن نوجه دعوة للإنسان العربي أن يعمل بدلا أن يتكلم وأن يفكر دون أن يتعصب وأن يستدل بالعقل قبل أن ينفعل بالأهواء والاستحسانات العاطفية. فقبل أن نبني اللغة العربية علينا أن نبني الإنسان العربي. ففي رأيي المتواضع أن اللغة هي الهوية ليس لأنها تنتج الهوية بل لأنها اختزال لتلك الهوية الموجودة فعلا

لحظات اللعب مع الأطفال إن تمت بمحبة، فهي من أسعد اللحظات الأسرية وأنفعها، فهي متعة للأبوين ومتعة أكبر للأطفال، كما أنها تبني رصيدا من المحبة الصادقة التي يحتاجها الأبوان لعملية التربية والتقويم.

لحظات اللعب مع الأطفال إن تمت بمحبة، فهي من أسعد اللحظات الأسرية وأنفعها، فهي متعة للأبوين ومتعة أكبر للأطفال، كما أنها تبني رصيدا من المحبة الصادقة التي يحتاجها الأبوان لعملية التربية والتقويم.

الجمعة، 15 ديسمبر 2017

السبت، 9 ديسمبر 2017

القدس لا تساوى شيئا

القدس لا تساوى شيئا

في نهاية الفيلم السينمائي الشهير “مملكة السماء–Kingdom of Heaven “؛ يقف “حداد باليان”؛ بعد تفاوضه مع “صلاح الدين”، وبعد معركة دموية من أجل “القدس”؛ استمات فيها “باليان” ومن معه في الدفاع، واستبسل “صلاح الدين” وجنوده في الهجوم، وبعد مفاوضات تسليم المدينة،والاتفاق على شروط تسليمها- يلقي صلاح الدين السلام عليه،ثم يبدأ بالعودة لجيشه. فيستوقفه “باليان” ويسأله: “ما قيمة القدس بالنسبة لكم؟” فيجيب صلاح الدين: “لا شيء!”.وبعد أن يمشي بضع خطوات أخرى؛يلتفت ليقول: “بل كل شيء!”

يستوقفني كثيرا أيضا الموقف الشهير لعمر بن الخطاب قبالة الحجر الأسود؛ عندما قال: “أم والله لقدعلمت أنك حجر، وأنك لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ماقبلتك”

ليس من ذاتيات الأماكن القداسة، ولا من ذاتيات الماديات الكرامة، ولا يتفاضل بعضها على بعض، بل يقرر العقل لبعضها أهمية تكتسبها من كليات ومبادئ عقلية ما، أو يُفضّل النص الإلهي بعضها بمزيات لا نعلم عللها، فهي ميزة اعتبارية؛ لا يقف عليها إلا معتبرها الحكيم العادل، وتكتسب الأرض هذه الميزة عند من يؤمن بهذا النص الإلهي أو هذا التشريع جملة؛ فيلتزم بتفاصيله وجزئياته، أو عند من يرى لها ارتباطا بمبدأ عقلي فرضه عليها ظروف الزمان والمكان.

إن القضية لم تكن قط قضية أرض، ولا صراع حدود أو مساحات، إن من يختزلها في هذه “المادة” وهذا الجماد لهو واهم.والقضية ليست عددامن الشهداء الذين تربطنا بهم قرابة، وليست قضية ثأر لكرامة أو عرض.بل هي أسمى وأعلى من كل الاختزالات الضيقة.إنها قضية “العدل”، قضية كلمة الله وقانونه.

إنها حرب بين ممالك الشيطان وممالك الرحمن، الحرب المستمرة منذ خلق الإنسان ومعصية إبليس، ورحاها دائرة في قلب كل منا وعقله قبل أن تجري على الأرض. تظهر مصاديقها في كل مظلوم، وكل مقتول، وكل شهيد، سواء كان في “القدس” أو في آخر الدنيا، ربطتنا به صلة دم أو لم تربط.

إن “القدس” هي أكبر تمثيل لهذه الحرب الآن على أرض الواقع، مضخمة آلاف المرات، لترى كيف يتصرف الإنسان بعيدا عن هداية العقل، معاندا لإرادة “مملكة السماء”، كيف يتصرف عندما يخضع لحيوانيته بالكامل؛ فيحيل الأرض غابا، وينصاع للفلسفات المادية ولرغباته الشهوانية، ويُحكّم غضبه الحيواني بدلا من عقله في الصراعات.

منذ عام 1972، وخلال أربعين عاما؛ استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية “حق الفيتو” لصالح إسرائيل اثنين وأربعين مرة! اثنان وأربعون مرة اختار فيها المجتمع الدولي بآلياته وقوانينه ومنظوماته ومؤسساته السكوت، واختارت أمريكا البغاء، واخترنا تعليق الآمال على الذئب لحماية الخراف!

إنها إرادة العالم، إن البشرية اليوم لا تريد العدل ولا تعرفه، لقد نسيناه لطول بعدنا عنه.إن الآلام والتأوهات التي يجنيها مقتل نفس واحدة في دولة غربية؛ قد تفوق ما تجتذبه قضية تمزيق شعوب كاملة، عصبية وجهل مقيت، ليست من العدل ولا العدل منها في شيء.

دائما ما يستهويني مشهد”الفتح الأعظم”؛ عندما دخل النبي محمد مكة فاتحًا. فتصرفات النبي في هذا اليوم لها بالتأكيد دلالات عظيمة، فلم يتصرف كعادة الفاتحين أو الملوك الظاهرين،بل يعلنها عالية: “اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشا”.مرورًا بقرارات العفو الصادرة بحق أعتى أعدائه، ثم العفو الجماعي “اذهبوا فأنتم الطلقاء”؛ والتي توضح أن معركته لم تكن مع أشخاص، وليست حربا بين قبائل وعصبيات، ولا ثأرا شخصيا، ولا الانتصار فيها بحاجة إلى بعض الرؤوس الطائرة. إنه “السلام” الحقيقي الذي يظهر في مواقف الرجال، لا في مؤتمرات الكلام الفارغ.

ثم مشهد تحطيم الأصنام؛ والذي تأخر واحدا وعشرين عاما بعد البعثة! لو كانت الأصنام –هذه المادة وهذه الحجارة- هي المقصودة، وهي سبب الفساد والطغيان؛ لسعى النبي لتحطيمها منذ اليوم الأول للبعثة، لكن هدم هذه الأصنام لم يكن شاغل النبي ولا هدفه طيلة الأعوام السابقة للفتح، بل كان هدفه هدم الأصنام التي بالنفوس، وإقامة بناء الحق والعدل في القلوب، عندها وعندها فقط؛ ستسقط الاصنام التي في الخارج بلا رجعة، وستُفتح مكة وتعود الأرض دون قتال حتى!

إن لكل منا “قدسه” الخاصة التي يجب أن يحررها، و”أصنامه”الخاصة التي يجب أن يهدمها. وقبل الجهاد على الأرض نحتاج للجهاد بداخلنا، ثم في أوطاننا قبل خارجها، أن نقر حدود العدل والإنسانية في أنفسنا.

إن “القدس” لا تحتاجنا يا سادة، ولا تحتاج للدعم الأمريكي، أو الاصطفاف العالمي، أو الوحدة العربية. بل نحن من نحتاجها، نحتاج أن نعيد لها السلام كي نستعيد سلامناوإنسانيتنا، كي نتمكن من أن نرفع أصواتنا بالابتهال دون أن نعلم أننا مغضوب علينا، وأننا فرطنا في نصر كلمة الله، كي نتمكن أن ندّعي أننا بشرا،وأننا أممٌ تنتسب للهدي الإلهي.كي نتمكن من أن نُعلّم أبناءنا معنى الإنسانية، ومعنى العدل.

ليست هذه دعوة لترك النضال على الأرض، ولا بالتأكيد دعوة للتفريط في الأرض، لكنها دعوة لكي نستفيق، ونعرف ترتيب المعارك وكيف نختارها، ولنعرف من أين تؤكل الكتف، ولإعادة التفكير في سبب فشل كل مساعينا السابقة لحل “القضية”. يقولون أنه لا يمكن حل المشكلة بنفس مستوى التفكير الذي أدى لوقوعك بها، ربما نحن بحاجة لنقل المعركة إلى مستويات أخرى من التفكير، ربما أن العالم يحتاج أن يغير تفكيره كي يحل السلام.

“لَنْ يَنَال اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَادِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ” الحج- 37

إن القدس لا تساوي شيئا، لكنها تساوي كل شيء!

أفضل وسيلة لمنع اختطاف العقول وغزو الثقافات هي تنمية القدرة على التفكير المنطقي والنقد.

أفضل وسيلة لمنع اختطاف العقول وغزو الثقافات
هي تنمية القدرة على التفكير المنطقي والنقد.


لا تفقد الأمل. عندما تغيب الشمس، تظهر النجوم. مرحبا 2018

لا تفقد الأمل. عندما تغيب الشمس، تظهر النجوم. 

مرحبا 2018

الذي اعتادت عيناه على العتمة حتما سيؤلمه الضوء، كذلك من اعتاد على تصديق الأكاذيب ستصدمه الحقيقة.

الذي اعتادت عيناه على العتمة حتما سيؤلمه الضوء،
 كذلك من اعتاد على تصديق الأكاذيب ستصدمه الحقيقة.


من العدالة أن تتوزع مهام الأسرة بين الأب والأم، الأب يرسم معالم الطريق ويمهد صعاب الحياة أمام الأسرة، والأم تربي أبناءها على السير فى دروب الحق والفضيلة.

من العدالة أن تتوزع مهام الأسرة بين الأب والأم، الأب يرسم معالم الطريق ويمهد صعاب الحياة أمام الأسرة، والأم تربي أبناءها على السير فى دروب الحق والفضيلة.

بين الميلاد والمولد مسافة صلاة ورسولا محبة ومكارم أخلاق

بين الميلاد والمولد مسافة صلاة ورسولا محبة ومكارم أخلاق

أن تملأ وعاء العقل أفضل من أن تملأ وعاء البطن.

أن تملأ وعاء العقل أفضل من أن تملأ وعاء البطن.

العدو الأول هو داخل نفسك فإن استطعت أن تهزمه حينها تأكد أنك أصبحت أقوي من أي عدو.

العدو الأول هو داخل نفسك فإن استطعت أن تهزمه حينها تأكد أنك أصبحت أقوي من أي عدو.

اللغة العربية – نظرة مستقبلية

اللغة العربية – نظرة مستقبلية

حاضر اللغة العربية

نحن نواجه أزمة.. هذه الأزمة بدأت منذ عصور سحيقة ومازلنا نعايشها.. هذه الأزمة هي أزمة اللغة العربية، فاللغة لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها. فاللغة التي كانت تستخدم في تسمية الاختراعات والأجهزة (مثل الإسطرلاب والأمبيق) والتي نزل بها الوحي القرآني العظيم ودونت بها التراجم وآثار الحضارات السالفة صارت تراثا وذكريات لا نتعايش معه إلا في أضيق الحدود. ونحن لن نحاول في هذا الطرح تناول الأزمة بالصورة التاريخية التقليدية وذلك لكثرة الجدل في هذا الباب أولا وثانيا لكثرة الأبحاث التي تناولت الموضوع من هذه الجهة.

سنحاول في هذا الطرح أن نتناول الموضوع من جهة دور اللغة في المنطق والفكر وتطور العلم والتقنيات الحديثة. ومن ثم نحاول الوصول لأسباب الظاهرة أو الأزمة المتعلقة باللغة العربية. ثم نقيم الأثر النفسي والاجتماعي لهذه الأزمة على المجتمع العربي.

قيمة اللفظ

اللغة أو الألفاظ هي الطريقة التي ابتكرها الإنسان وأتقنها للتعبير عن أفكاره بصورة عامة مهما وأيا كانت تلك الأفكار؛ ولذلك كانت قيمة اللفظ ليست في ذات اللفظ بل في المعنى الذي يحمله اللفظ ويعبر عنه. فهو كنظام وضعي (تواضعت الناس عليه) يعتمد في استمراريته على مدى ارتباطهبواقع حياة الإنسان، وإننا عند تحليل ارتباط اللغة العربية في حياتنا نجده وثيقا قويا في الأمور الدينية وبعض الأمور الإدارية في بعض الدول العربية (لا تزال اللغة الرسمية للوزارات والمصالح الحكومية هي اللغة العربية في مصر مثلا) ولا نجد له أثرا ملحوظا في باقي أمور الحياة؛ فتحولت اللغة من وسيلة للتعبير عن الأفكار لأدوات وصل وفصل بين الألفاظ الغربية والأجنبية الدخيلة أو ما يسمى بالـ (فرانكو أراب).

لا نسعى هنا لإثارة النعرات والصرخات الانتمائية والأصولية والتي تفتقر لتحليل الواقع وتشخيص الحلول. فالغرب واللغات الأجنبية لم تكن لتستطيع فرض نفسها في واقع حياتنا دون مبررات ومقدمات مفهومة. فالموضوع ليس مجرد الغزو أو الاحتلال. فمثلا لقد احتل الهكسوس مصر في العصور السحيقة ولكن لم يلاحَظ تحول كبير في اللغة أو العادات عند المصريين بل حدث العكس. فالهكسوس وهم قبائل بربرية لم تكن تمتلك هذا الإرث الضخم والحضور القوي في مجال العلوم والفنون؛ فبدلا من أن يطرحوا هم بديلا حضاريا أقوى وأعمق من النموذج المصري وجدوا أنفسهم مضطرين لترك عادتهم ولغتهم وتقاليدهم والتعرف على الحضارة المصرية وتعلم فنونها وعلومها. لم يقتصر الموضوع على العلم بل دخل في صيحات الملابس واختيار الأسماء. فلبس الملوك الهكسوس اللباس المصري وتكلموا بالمصري حتى اختفت الفوارق تقريبا واندمجوا بشكل شبه كامل في الواقع الاجتماعي المصري.

إذا فليس شرطا أن يكون الاحتلال وحده السبب الرئيسي في انهيار اللغة أو اضمحلالها. فاللغة المدعومة بمنظومة فكرية وعلمية ودينية واقتصادية قوية تجدها أقوى في مقاومة الغزو الفكري والثقافي أيا كان مصدره.

الترجمة واللغة

إن العلم في ذاته هو تراكم للخبرات والاجتهادات الإنسانية فهو ليس إذا إرثا لأحد دون الآخر بل هو إرث إنساني مشترك (يدخل في المشتركات الحضارية) على عكس الرؤية الكونية أو الثيولوجيا والتي تصنف كخصائص حضارية تتميز بها كل حضارة عن الأخرى. ولكن ولاختلاف اللغة بين الحضارات وبين الشعوب في نفس الحضارة فلقد كانت ومنذ قديم الأزل حركات الترجمة المحرك الرئيسي لدفع الحضارة ومعها اللغة نحو الاستمرارية والتطور وتجديد الروابط مع الواقع الإنساني.

ظهرت ثورات الترجمة وأثبتت على مر التاريخ أن دورها هام في تجديد دم الحضارات والحفاظ على نشاطها. فالرومان درسوا الفنون والعلوم في اليونان ثم نقلوها لبلادهم وطوروا عليها. وحضارة اليونان بدورها بدأت مسارها الحضاري بالنقلوالتعلم من الحضارات التي سبقتها فتعلمت من الحضارة المصرية والفارسية. أما حضارات النيل وما بين النهرين فلقد سُجل عنها في التاريخ غزارة التفاعل الحضاري من خلال التجارة وتناقل الخبرات والعلوم مما أسس لهذا البحر الزاخر من الإرث العلمي والحضاري القوي والذي كان متاحا فقط للمتمكن من فك رموز اللغات الغريبة عنه.

ثم جاء عصر الحضارة الإسلامية والتي تفجرت فيها حركات الترجمة بغزارة مثل غيرها من الحضارات كمًا وكيفًا خاصة مع توسع فتوحات الدولة الإسلامية وتواصلها مع حضارات الهند والصين والفرس شرقا والإغريق والبيزنطيين (الوريث الشرعي للرومان) شمالا. كان لابد من نمو حركات الترجمة والتي بدأت أولا بالترجمات اللغوية أو الحرفية فكانت ضعيفة غير معبرة عن المعاني بقدر كونها مجرد تصاوير للألفاظ. ثم تطورت إلى مرحلة الترجمة المعنوية والتي اهتمت بالمعنى المجرد الذي يشير له اللفظ (الوجود المعنوي لا اللفظي). فكانت تراجم الفارابي على سبيل المثال لكتب أرسطو وشروحاته لبعض منها السبيل الذي مهد لابن سينا ومن تلاه من المنطقيين والفلاسفة أن يقدموا للإرث الإنساني والحضاري ما قدموه من اجتهادات لا نزال نتناولها ليومنا هذا. فاعلم أنك عندما تفتح كتابا للفلسفة أو المنطق أو الجبر أو ماشابه فستجد أن هناك بعض اللفظات والعبارات المبعثرة هنا وهناك والتي تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل بداية من أرسطو أو أفلاطون أو فيثاغورس مثلا.

وهذا العرض يوضح مدى أهمية حركة الترجمة والتعرف على اللغات الأخرى ويدل بصورة أو بأخرى أن تعلم اللغات الجديدة ليس بالضرورة السبب في ضياع الهوية اللغوية للحضارة بل قد يكون السبب في إثراءها وتطعيمها بالمفاهيم والعلاقات الجديدية عليها والتي تساعد على تطورها وبقائها.

المدارس العلمية واللغة

ثم بعد التراجم والشروحات يأتي دور المدارس العلمية في تناقل وحفظ هذا الكم المهول من المعلومات. فتوفرت في كل هذه الحضارات العوامل الرئيسية لتطور الحصيلة العلمية الإنسانية فكان هناك الأستاذ المحقق والمجدد وطالب العلم المخلص المتفاني والكتاب المتقن الدقيق. فكان الأستاذ الماهر لا يعتمد على التلقين فحسب ولكن على الإفهام والتحليل ليتمكن التلميذ من إتقان المسائل المتنوعة بشكل كافي يسمح له أن يدخل في مرحلة التجديد والابتكار. وكان التلميذ المتفاني معروفًا بشغفه للعلم والمعرفة وكانت الأسرة لها دور ففي الحالات المحظوظة ينمو الطالب في جو سليم أسريا وأكاديميا يسمح له أن يهتم بدراسته.

ولذلك كانت قوة المنظومة التعليمية وإفرازها المستمر للقدرات الذهنية العلمية الجديدة حافزا وعاملا أساسيا لتطور العلوم والفنون في تلك الحضارة. طبعا كان هناك دورا للدولة في إتمام المشاريع العلمية العملاقة التي تزيد من قوة العلماء في التحقيق والدراسة كبناء الجامعات وتحديد المرتبات لطلبة العلم وإنشاء المعامل والمكتبات والمراصد الفلكية.

التطور العلمي واللغة

ثم تأتي الثمرة لهذا البناء العملاق. فبعد تكوين مخزون هائل من العلوم وتدارسها وتفهمها، تبدأ المنظومة العلمية في أن تؤثر في واقع الإنسان وتنتقل من دور المتلقي لدور المبدع والمبتكر. فتستخدم المبادئ العلمية والتطبيقية في تنظيم شؤون المجتمع ودفع عجلة التطور والحضارة نحو المستقبل. تقدم المؤسسة العلمية في هذه العملية للمجتمع الكثير من أساليب التنظيم والإدارة وآلات الإنتاج والتصنيع وتنسق لكل من تلك التطويرات منظومة من الألفاظ والكلمات التي توصف دقة وكيفية عملها مما يضيف إلى المخزون اللغوي بصورة مترابطة مع واقع المجتمع وحياته. هذه الإضافة تكون جوهرية ومميزة وذاتية لتلك الحضارة فلا تضيع بسهولة. على عكس حركات الترجمة والتأليف الساذجة التي لا تتعدى كونها تلاعب وتشكيل بالألفاظ لخلق ألفاظ جديدة والتي وإن كانت متقنة فإنها لن تعلق في ذهن الحضارة أو المجتمع لأنها لم تأتِكثمرة لمجهود تفاعلي ضخم بين المجتمع الإنساني والواقع واللغة. ففي النموذج الحضاري الكامل لا يكون تاريخ اللفظ مجرد نزوة لغوية لمترجم في غرفة مغلقة كي ينسى بسهولة بل ينتج من تراكم مجهودات وتحليلات عظيمة وتجارب ومعاناة لتصنع فكرة أو آلة أو معنى جدبد مما يجعل هناك اعتزازا وافتخارا باستخدام اللفظ الذي يشير لهذا المعنى في هذه اللغة دون غيرها.

قيمة اللغة

ومن هذا التحليل يتضح بعد آخر للغة في حياة المجتمع والحضارات. فاللفظ المستخدم ليس تجريدا للفكرة التي يعبر عنها فقط. بل إنه يحمل معه تاريخ هذه الفكرة أيضا ومعها الكثير من الأسماء والمعارك والتضحيات والتجارب والذكريات السعيدة والحزينة. وإنه كلما زاد التراكم التاريخي والإنساني وراء اللفظ زاد ارتباط الإنسان به وفضله على غيره من الألفاظ المستحدثة.

ولهذا نجد أن دعوتنا لإحياء اللغة العربية وإعادتها لمكانتها التي كانت عليها يوما ليست دعوة للاهتمام بباب دون آخر أو نوع من المجهود الإنساني دون غيره. بل هي دعوة لإحياء الإنسان العربي ككل. وبهذا تصل إلى أن إحياء اللغة لن يكون هو البداية بل سيكون الثمرة لمجهود أمة ترفض أن تنسى تاريخها أو تستسلم في حاضرها أو تبيع مستقبلها. نحن كما ذكرنا سابقا لا نريد الهتاف الحماسي والدعوات الفارغة التي لا تصاحبها غير بعض محاولات الترجمة الضعيفة التي سرعان ما تنتهي بلا شيء. نحن نوجه دعوة للإنسان العربي أن يعمل بدلا أن يتكلم وأن يفكر دون أن يتعصب وأن يستدل بالعقل قبل أن ينفعل بالأهواء والاستحسانات العاطفية. فقبل أن نبني اللغة العربية علينا أن نبني الإنسان العربي. ففي رأيي المتواضع أن اللغة هي الهوية ليس لأنها تنتج الهوية بل لأنها اختزال لتلك الهوية الموجودة فعلا

لحظات اللعب مع الأطفال إن تمت بمحبة، فهي من أسعد اللحظات الأسرية وأنفعها، فهي متعة للأبوين ومتعة أكبر للأطفال، كما أنها تبني رصيدا من المحبة الصادقة التي يحتاجها الأبوان لعملية التربية والتقويم.

لحظات اللعب مع الأطفال إن تمت بمحبة، فهي من أسعد اللحظات الأسرية وأنفعها، فهي متعة للأبوين ومتعة أكبر للأطفال، كما أنها تبني رصيدا من المحبة الصادقة التي يحتاجها الأبوان لعملية التربية والتقويم.

حبل النجاة من ظلمات الجهل هو الوعي وسلوك طريق الخير.

حبل النجاة من ظلمات الجهل هو الوعي وسلوك طريق الخير.

الفجوة الكبيرة بين الطبقات مؤشر خطير على خلل في ميزان العدالة يحتاج لمراجعة مفهوم الاقتصاد ومنطلقاته وهدفه ليكون محكوما بالعدل وليس متحررا من كل قيد!

الفجوة الكبيرة بين الطبقات مؤشر خطير على خلل في ميزان العدالة يحتاج لمراجعة مفهوم الاقتصاد ومنطلقاته وهدفه ليكون محكوما بالعدل وليس متحررا من كل قيد!

الكلام الطيب لا يكلف شيئا؛ فلا تبخل على نفسك راحة البال والسعادة الحقيقية.

الكلام الطيب لا يكلف شيئا؛ فلا تبخل على نفسك راحة البال والسعادة الحقيقية.

القدس لا تساوى شيئا

القدس لا تساوى شيئا

في نهاية الفيلم السينمائي الشهير “مملكة السماء–Kingdom of Heaven “؛ يقف “حداد باليان”؛ بعد تفاوضه مع “صلاح الدين”، وبعد معركة دموية من أجل “القدس”؛ استمات فيها “باليان” ومن معه في الدفاع، واستبسل “صلاح الدين” وجنوده في الهجوم، وبعد مفاوضات تسليم المدينة،والاتفاق على شروط تسليمها- يلقي صلاح الدين السلام عليه،ثم يبدأ بالعودة لجيشه. فيستوقفه “باليان” ويسأله: “ما قيمة القدس بالنسبة لكم؟” فيجيب صلاح الدين: “لا شيء!”.وبعد أن يمشي بضع خطوات أخرى؛يلتفت ليقول: “بل كل شيء!”

يستوقفني كثيرا أيضا الموقف الشهير لعمر بن الخطاب قبالة الحجر الأسود؛ عندما قال: “أم والله لقدعلمت أنك حجر، وأنك لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ماقبلتك”

ليس من ذاتيات الأماكن القداسة، ولا من ذاتيات الماديات الكرامة، ولا يتفاضل بعضها على بعض، بل يقرر العقل لبعضها أهمية تكتسبها من كليات ومبادئ عقلية ما، أو يُفضّل النص الإلهي بعضها بمزيات لا نعلم عللها، فهي ميزة اعتبارية؛ لا يقف عليها إلا معتبرها الحكيم العادل، وتكتسب الأرض هذه الميزة عند من يؤمن بهذا النص الإلهي أو هذا التشريع جملة؛ فيلتزم بتفاصيله وجزئياته، أو عند من يرى لها ارتباطا بمبدأ عقلي فرضه عليها ظروف الزمان والمكان.

إن القضية لم تكن قط قضية أرض، ولا صراع حدود أو مساحات، إن من يختزلها في هذه “المادة” وهذا الجماد لهو واهم.والقضية ليست عددامن الشهداء الذين تربطنا بهم قرابة، وليست قضية ثأر لكرامة أو عرض.بل هي أسمى وأعلى من كل الاختزالات الضيقة.إنها قضية “العدل”، قضية كلمة الله وقانونه.

إنها حرب بين ممالك الشيطان وممالك الرحمن، الحرب المستمرة منذ خلق الإنسان ومعصية إبليس، ورحاها دائرة في قلب كل منا وعقله قبل أن تجري على الأرض. تظهر مصاديقها في كل مظلوم، وكل مقتول، وكل شهيد، سواء كان في “القدس” أو في آخر الدنيا، ربطتنا به صلة دم أو لم تربط.

إن “القدس” هي أكبر تمثيل لهذه الحرب الآن على أرض الواقع، مضخمة آلاف المرات، لترى كيف يتصرف الإنسان بعيدا عن هداية العقل، معاندا لإرادة “مملكة السماء”، كيف يتصرف عندما يخضع لحيوانيته بالكامل؛ فيحيل الأرض غابا، وينصاع للفلسفات المادية ولرغباته الشهوانية، ويُحكّم غضبه الحيواني بدلا من عقله في الصراعات.

منذ عام 1972، وخلال أربعين عاما؛ استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية “حق الفيتو” لصالح إسرائيل اثنين وأربعين مرة! اثنان وأربعون مرة اختار فيها المجتمع الدولي بآلياته وقوانينه ومنظوماته ومؤسساته السكوت، واختارت أمريكا البغاء، واخترنا تعليق الآمال على الذئب لحماية الخراف!

إنها إرادة العالم، إن البشرية اليوم لا تريد العدل ولا تعرفه، لقد نسيناه لطول بعدنا عنه.إن الآلام والتأوهات التي يجنيها مقتل نفس واحدة في دولة غربية؛ قد تفوق ما تجتذبه قضية تمزيق شعوب كاملة، عصبية وجهل مقيت، ليست من العدل ولا العدل منها في شيء.

دائما ما يستهويني مشهد”الفتح الأعظم”؛ عندما دخل النبي محمد مكة فاتحًا. فتصرفات النبي في هذا اليوم لها بالتأكيد دلالات عظيمة، فلم يتصرف كعادة الفاتحين أو الملوك الظاهرين،بل يعلنها عالية: “اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشا”.مرورًا بقرارات العفو الصادرة بحق أعتى أعدائه، ثم العفو الجماعي “اذهبوا فأنتم الطلقاء”؛ والتي توضح أن معركته لم تكن مع أشخاص، وليست حربا بين قبائل وعصبيات، ولا ثأرا شخصيا، ولا الانتصار فيها بحاجة إلى بعض الرؤوس الطائرة. إنه “السلام” الحقيقي الذي يظهر في مواقف الرجال، لا في مؤتمرات الكلام الفارغ.

ثم مشهد تحطيم الأصنام؛ والذي تأخر واحدا وعشرين عاما بعد البعثة! لو كانت الأصنام –هذه المادة وهذه الحجارة- هي المقصودة، وهي سبب الفساد والطغيان؛ لسعى النبي لتحطيمها منذ اليوم الأول للبعثة، لكن هدم هذه الأصنام لم يكن شاغل النبي ولا هدفه طيلة الأعوام السابقة للفتح، بل كان هدفه هدم الأصنام التي بالنفوس، وإقامة بناء الحق والعدل في القلوب، عندها وعندها فقط؛ ستسقط الاصنام التي في الخارج بلا رجعة، وستُفتح مكة وتعود الأرض دون قتال حتى!

إن لكل منا “قدسه” الخاصة التي يجب أن يحررها، و”أصنامه”الخاصة التي يجب أن يهدمها. وقبل الجهاد على الأرض نحتاج للجهاد بداخلنا، ثم في أوطاننا قبل خارجها، أن نقر حدود العدل والإنسانية في أنفسنا.

إن “القدس” لا تحتاجنا يا سادة، ولا تحتاج للدعم الأمريكي، أو الاصطفاف العالمي، أو الوحدة العربية. بل نحن من نحتاجها، نحتاج أن نعيد لها السلام كي نستعيد سلامناوإنسانيتنا، كي نتمكن من أن نرفع أصواتنا بالابتهال دون أن نعلم أننا مغضوب علينا، وأننا فرطنا في نصر كلمة الله، كي نتمكن أن ندّعي أننا بشرا،وأننا أممٌ تنتسب للهدي الإلهي.كي نتمكن من أن نُعلّم أبناءنا معنى الإنسانية، ومعنى العدل.

ليست هذه دعوة لترك النضال على الأرض، ولا بالتأكيد دعوة للتفريط في الأرض، لكنها دعوة لكي نستفيق، ونعرف ترتيب المعارك وكيف نختارها، ولنعرف من أين تؤكل الكتف، ولإعادة التفكير في سبب فشل كل مساعينا السابقة لحل “القضية”. يقولون أنه لا يمكن حل المشكلة بنفس مستوى التفكير الذي أدى لوقوعك بها، ربما نحن بحاجة لنقل المعركة إلى مستويات أخرى من التفكير، ربما أن العالم يحتاج أن يغير تفكيره كي يحل السلام.

“لَنْ يَنَال اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَادِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ” الحج- 37

إن القدس لا تساوي شيئا، لكنها تساوي كل شيء!

أفضل وسيلة لمنع اختطاف العقول وغزو الثقافات هي تنمية القدرة على التفكير المنطقي والنقد.

أفضل وسيلة لمنع اختطاف العقول وغزو الثقافات
هي تنمية القدرة على التفكير المنطقي والنقد.


كونك مُشتت الأن.. لا يعني أنك ستبقى مُشتتًا للأبد، في يوم ما سوف تنظر للماضي و تتسائل، لما كنت قلقًا لهذه الدرجة .

كونك مُشتت الأن.. لا يعني أنك ستبقى مُشتتًا للأبد،
 في يوم ما سوف تنظر للماضي و تتسائل، لما كنت قلقًا لهذه الدرجة .


المشاهدة دون المشاركة والمساعدة رغم الإمكان قبح وإعاقة لطريق المساعدة.

المشاهدة دون المشاركة والمساعدة رغم الإمكان قبح وإعاقة لطريق المساعدة.

اختلاف جيلنا عن الأجيال السابقة هو اختلاف شكلي وإجرائي، لكن المبادئ الإنسانية تظل ثابتة على مر العصور.

اختلاف جيلنا عن الأجيال السابقة هو اختلاف شكلي وإجرائي،
لكن المبادئ الإنسانية تظل ثابتة على مر العصور.

قتل الطفولة جريمة!

قتل الطفولة جريمة!

إذا أردت أن تقيس أخلاقك انظر لمكانة المساكين والمستضعفين من قلبك.

إذا أردت أن تقيس أخلاقك انظر لمكانة المساكين والمستضعفين من قلبك.